فصل: تفسير الآيات (58- 63):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (نسخة منقحة)



.سورة طه:

.تفسير الآيات (1- 5):

{طه (1) مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لِتَشْقَى (2) إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى (3) تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَا (4) الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5)}
{طه} يا رجل.
{وما أنزلنا عليك القرآن لتشقى} لتتعب بكثرة الجهد، وذلك أنَّه كان يُصلِّي اللَّيل كلَّه بمكَّة حتى تورَّمت قدماه، وقال له الكفَّار: إنَّك لتشقى بترك ديننا، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
{إلاَّ تذكرة} أي: ما أنزلناه إلاَّ تذكرةً، موعظةً {لمن يخشى} يخاف الله عزَّ وجلَّ.
{تنزيلاَ ممَّن خلق الأرض والسموات العلى} جمع العليا.
{الرحمن على العرش} مع أنَّه أعظم المخلوقات {استوى} أي: أقبل على خلقه، كقوله: {ثم استوى إلى السماء} مع أنه أعظم المخلوقات، أي: استولى.

.تفسير الآيات (6- 7):

{لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى (6) وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى (7)}
{وما تحت الثرى} ما تحت الأرض، والثَّرى: التُّراب النَّدي.
{وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر} وهو ما أسررت لفي نفسك {وأخفى} وهو ما ستحدِّث به نفسك ممَّا لم يكن بعد، والمعنى: إنَّه يعلم هذا، فكيف ما جُهِرَ به؟

.تفسير الآيات (9- 14):

{وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (9) إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آَتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى (10) فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى (11) إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (12) وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى (13) إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14)}
{وهل أتاك} يا محمَّد. {حديث موسى} خبره وقصَّته.
{إذ رأى ناراً} في طريقه إلى مصر لمَّا أخذ امرأته الطَّلْقُ {فقال لأهله} لامرأته: {امكثوا} أقيموا مكانكم {إني آنست} أبصرت {ناراً لعلي آتيكم منها بقبس} شعلة نارٍ {أو أجد على النار هدى} مَنْ يهديني ويدلُّني على الطَّريق، وكان قد ضلَّ عن الطَّريق.
{فلما أتاها} أي: النَّار.
{نودي يا موسى إني أنا ربك فاخلع نعليك} وكانتا من جلد حمارٍ ميِّتٍ غيرِ مدبوغٍ، لذلك أُمر بخلعها {إنك بالواد المقدس} المُطهَّر {طوى} اسم ذلك الوادي.
{وأنا اخترتك} اصطفيتك للنُّبوَّة {فاستمع لما يوحى} إليك مني.
{وأقم الصلاة لذكري} لتذكرني فيها.

.تفسير الآيات (15- 18):

{إِنَّ السَّاعَةَ آَتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى (15) فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى (16) وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى (17) قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآَرِبُ أُخْرَى (18)}
{إنَّ الساعة} القيامة {آتية أكاد أخفيها} أسترها للتَّهويل والتَّعظيم، و{أكادُ} صلةٌ {لتجزى} في ذلك اليوم {كل نفس بما تسعى} تعمل.
{فلا يصدنك} يمنعنَّك {عنها} عن الإِيمان بالسَّاعة {مَنْ لا يؤمن بها واتبع هواه} مراده {فتردى} فتهلك.
{وما تلك} وما التي {بيمينك} في يدك اليمنى؟ {قال هي عصاي أتوكأ عليها} أتحامل عليها عند المشي والإِعياء {وأهش} أخبط الورق عن الشَّجر {بها على غنمي ولي فيها مآرب أخرى} حاجاتٌ أخرى سوى التَّوَكُّؤِ والهشِّ.

.تفسير الآيات (21- 26):

{قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى (21) وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آَيَةً أُخْرَى (22) لِنُرِيَكَ مِنْ آَيَاتِنَا الْكُبْرَى (23) اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (24) قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (25) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (26)}
{سنعيدها سيرتها الأولى} أَيْ: نردُّها عصاً كما كانت.
{واضمم يدك إلى جناحك} جناح الإِنسان: عضده إلى أصل إبطه، يريد: أدخلها تحت جناحك {تخرج بيضاء من غير سوء} برصٍ أو داءٍ {آية أخرى} لك سوى العصا.
{لنريك من آياتنا الكبرى} وكانت يده أكبر آياته.
{اذهب إلى فرعون إنه طغى} كفر بأنعمي، وتكبَّر عن عبادتي، فعند ذلك.
{قال} موسى: {رب اشرح لي صدري} وسِّعْ ولَيِّنْ لي قلبي بالإِيمان والنُّبوَّة.
{ويسِّر لي أمري} وسهِّلْ عليَّ ما أمرتني به من تبليغ الرِّسالة.

.تفسير الآيات (27- 43):

{وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (27) يَفْقَهُوا قَوْلِي (28) وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي (29) هَارُونَ أَخِي (30) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (31) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (32) كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا (33) وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا (34) إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا (35) قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى (36) وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى (37) إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى (38) أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي (39) إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى (40) وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي (41) اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآَيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي (42) اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43)}
{واحلل} افتح {عقدة من لساني} وكانت في لسانه رُتَّة للجمرة التي وضعها على لسانه في صباه.
{يفقهوا قولي} كي يفهموا كلامي.
{واجعل لي وزيراً} معيناً {من أهلي} وهو،
{هارون}.
{اشدد به أزري} قوِّ به ظهري.
{وأشركه في أمري} اجعل ما أمرتني به من النُّبوَّة بيني وبينه.
{كي نسبحك} نصلِّي لك {كثيراً}.
{ونذكرك كثيراً} باللسان على كلِّ حالٍ.
{إنك كنت بنا بصيراً} عالماً، فاستجاب الله له، وقال تعالى: {قد أوتيت سؤلك يا موسى} أُعطيت مرادك، ثمَّ ذكر منَّته السالفة عليه بقوله تعالى: {ولقد مننا عليك مرَّة أخرى} قبل هذه، وهي: {إذ أوحينا إلى أمك ما يوحى} أَيْ: ألهمناها ما يلهم الإِنسان من الصَّواب، وهو إلهام الله تعالى إيَّاها: {أن اقذفيه} اجعليه {في التابوت فاقذفيه} فاطرحيه {في اليم} يعني: نهر النِّيل.
{فليلقه اليمُّ بالساحل} فيردُّه الماء إلى الشَّطِّ {يأخذه عدوٌّ لي وعدوٌّ له} وهو فرعون {وألقيت عليك محبة مني} حتى لم يقتلك عدوُّك الذي أخذك من الماء، وهو أنَّه حبَّبه إلى الخلق كلِّهم، فلا يراه مؤمنٌ ولا كافرٌ إلاَّ أحبَّه. {ولتصنع} ولتربى وتغذَّى {على عيني} على محبَّتي ومرادي. يعني: إذ ردَّه إلى أُمِّه حتى غذته، وهو قوله: {إذ تمشي أختك} مُتعرِّفةً خبرك وما يكون من أمرك بعد الطَّرح في الماء {فتقول} لكم: {هل أدلُّكم على مَنْ يكفله} يرضعه ويضمُّه إليه، وذلك حين أبى موسى عليه السَّلام أن يقبل ثدي امرأةٍ، فلمَّا قالت لهم ذلك قالوا: نعم، فجاءت بالأُمِّ، فَدُفع إليها، فذلك قوله: {فرجعناك إلى أمك كي تقرَّ عينها} بلقائك وبقائك {ولا تحزن} على فقدك {وقتلت نفساً} يعني: القبطي الذي قتله {فنجيناك من الغم} من غمِّ أن تُقتل به {وفتناك فتوناً} اختبرناك اختباراً بأشياء قبل النَّبوَّة {فلبثت} مكثت {سنين في أهل مدين} عشر سنين في منزل شعيب {ثم جئت على قدر} على رأس أربعين سنة. وهو القدر الذي يوحى فيه إلى الأنبياء عليهم السَّلام.
{واصطنعتك لنفسي} اخترتك بالرِّسالة لكي تحبَّني وتقوم بأمري.
{اذهب أنت وأخوك بآياتي} يعني: بما أعطاهما من المعجزة {ولا تنيا} لا تَفتُرا.
{اذهبا إلى فرعون إنَّه طغى} علا وتكبَّر.

.تفسير الآيات (44- 48):

{فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44) قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى (45) قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى (46) فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى (47) إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (48)}
{فقولا له قولاً ليّناً} كنِّياه وعِداه على الإِيمان نعيماً وعمراً طويلاً في صحَّة، ومصيراً إلى الجنَّة {لعله يتذكر} يتَّعظ {أو يخشى} يخاف الله تعالى، ومعنى لعلَّ ها هنا يعود إلى حال موسى وهارون. أَي: اذهبا أنتما على رجائكما وطمعكما، وقد علم الله تعالى ما يكون منه.
{قالا ربنا إننا نخاف أن يفرط علينا} يعجل علينا بالقتل والعقوبة {أو أن يطغى} يتكبَّر ويستعصي.
{قال لا تخافا إنني معكما} بالعون والنُّصرة {أسمع} ما يقول {وأرى} ما يفعل. وقوله: {فأرسل معنا بني إسرائيل} أَيْ: خلِّ عنهم ولا تستسخرهم {ولا تعذبهم} ولا تتعبهم في العمل {قد جئناك بآية من ربك} يعني: اليد البيضاء والعصا {والسلام على من اتبع الهدى} سَلِمَ مَنْ أسلم.
{إنا قد أوحي إلينا أنَّ العذاب على مَنْ كذَّب} أنبياء الله {وتولى} أعرض عن الإِيمان.

.تفسير الآية رقم (50):

{قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (50)}
{ربنا الذي أعطى كلَّ شيء خلقه} أَيْ: أتقن كلَّ شيءٍ ممَّا خلق، وخلقه على الهيئة التي بها يُنتفع، والتي هي أصلح وأحكم لما يُراد منه {ثم هدى} أي: هداه لمعيشته، ثمَّ سأله فرعون عن أعمال الأمم الماضية.

.تفسير الآيات (51- 57):

{قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى (51) قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى (52) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى (53) كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى (54) مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى (55) وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آَيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَى (56) قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى (57)}
{فما بال القرون الأولى} الماضية؟ فأجابه موسى عليه السَّلام بأنَّ أعمالهم محفوظةٌ عند الله يُجازون بها، وهو قوله: {علمها عند ربي في كتاب} وهو اللَّوح المحفوظ {لا يضل ربي} لا يخطئ، ومعناه: لا يترك مَنْ كفر به حتى ينتقم منه {ولا ينسى} مَنْ وحَّده حتى يجازيه.
{الذي جعل لكم الأرض مهاداً} فراشاً {وسلك لكم فيها سبلاً} وسهَّل لكم فيها طُرُقاً {وأنزل من السماء ماء} يريد: المطر، وتمَّ ها هنا جواب موسى، ثمَّ تلوَّن الخطاب، وقال الله تعالى: {فأخرجنا به أزواجاً} أصنافاً {من نبات شتى} مختلفة الألوان والطُّعوم.
{كلوا} منها {وارعوا أنعامكم} فيها، أَيْ: أسيموها واسرحوها في نبات الأرض {إنَّ في ذلك} الذي ذكرت {لآيات} لعبرة {لأولي النهي} لذوي العقول.
{منها خلقناكم} يعني: آدم عليه السَّلام {وفيها نعيدكم} عند الموت {ومنها نخرجكم} عند البعث {تارة} مرَّةً {أخرى}.
{ولقد أريناه} يعني: فرعون {آياتنا كلَّها} الآيات التِّسع {فكذَّب} بها، وزعم أنَّها سحرٌ {وأبى} أن يُسلم.
{قال} لموسى: {أجئتنا لتخرجنا من أرضنا} من أرض مصر.

.تفسير الآيات (58- 63):

{فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لَا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتَ مَكَانًا سُوًى (58) قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى (59) فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَى (60) قَالَ لَهُمْ مُوسَى وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى (61) فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى (62) قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى (63)}
{بسحرك يا موسى فلنأتينَّك بسحر مثله} فلنعارضنَّ سحرك بسحرٍ مثله {فاجعل بيننا وبينك موعداً} لمعارضتنا إيَّاك، لا نُخلف ذلك الموعد {نحن ولا أنت} وأراد بالموعد ها هنا موضعاً يتواعدون للاجتماع هناك، وهو قوله: {مكاناً سوى} أَيْ: يكون النَّصف فيما بيننا وبينك.
{قال موعدكم يوم الزينة} أَيْ: وقتُ موعدكم يوم الزِّينة، وهو يوم عيدٍ كان لهم {وأن يحشر الناس ضحى} يريد: يجمع أهل مصر في ذلك اليوم نهاراً، أراد موسى صلوات الله عليه أن يكون أبلغ في الحجَّة، وأشهر ذكراً في الجمع.
{فتولى} فأدبر {فرعون فجمع كيده} حِيَله وسحرته {ثم أتى} الميعاد.
{قال لهم موسى} للسَّحرة: {لا تفتروا على الله كذباً} لا تشركوا مع الله أحداً {فيسحتكم} فيستأصلكم {بعذاب وقد خاب من افترى} خسر مَن ادَّعى مع الله تعالى إلهاً آخر.
{فتنازعوا أمرهم بينهم} فتشاوروا بينهم، يعني: السَّحرة {وأسروا النجوى} تكلَّموا فيما بينهم سرَّاً من فرعون، فقالوا: إنْ غلَبَنا موسى اتَّبعناه.
{قالوا إنَّ هذين لساحران} يعنون: موسى وهارون عليهما السَّلام {يريدان أن يخرجاكم من أرضكم} من مصر ويغلبا عليها {بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى} بجماعتكم الأشراف، أَيْ: يصرفا وجوههم إليهما.